تدهور العملة الوطنية وأنعكاسها على الوضع الاقتصادي

July 15, 2024 تم النشر في
إصدارات المركز
...

 ملخص تنفيذي

أن تدهور الاوضاع الاقتصادية ليس وليد اليوم، بل هو  نتيجة حتمية لاختلال في هيكل الناتج المحلي الاجمالي وعدم تنوعه،  وكذلك  ميزان المدفوعات وزيادة حجم الواردات سنوياً وعدم وجود رؤية وسياسات استرتيجية  بفعل تعدد الحكومات  وتغير الاوضاع  السياسة من فترة الى اخرى.

 مماانعكس بدورة السلبي  في  الانتاج وبالتالي ضعف الصادرات ، وعدم الحصول على العملات الاجنبية،  وحتما في النهاية عدم استقرار سعر الصرف ،جعل الحكومة  تقوم بعملية تعويم سعر الصرف الحر  في ظل  قاعدة انتاجية ضعيفة غير صناعية بل إستهلاكية ، أثرت بشكل سلبي في ارتفاع مستويات الأسعار بشكل درامتيكي بما يفاقم الاوضاع المعيشية للمواطنين  من تدهور الاوضاع الاقتصادية في مختلف  القطاعات في ظل  تنصل الحكومة عن تبعات ذلك الامر .

 لذا توصي هذه الورقة بقيام الحكومة بإعادة النظر في هيكل الناتج المحلي الاجمالي وتنمية القطاعات  المختلفة والمستدامة للمساهمة في تعزيزه،  والاهتمام بالصادرات والغاء قرار تعويم العملة الوطنية.

المقدمة

تعد العملة الوطنية  عاملاً اساسياً في إستقرار الأوضاع المعيشية وينعكس ذلك على حياة الناس  ،مما يعوق  قيام أي عملية تنمية مستدامة باليمن  ، حتما هناك عدة أسباب اقتصادية او اخفاقات  ترافقت وتسببت في الإنهيار المتسارع للاقتصاد ،حيث  أن الهيكل الانتاجي لليمن  له دوراً كبيراً في عدم توفر العملات الصعبة نظراً اعتماد الاقتصاد على تصدير سلعة معينة  النفط والغاز والمنح والمساعدات  وعدم تنويع الصادرات ،كما أن عدم  وجود توافق بين السياسة النقدية والمالية كان له دوراً في استمرار تدهور العملة الوطنية،  والصدمات الخارجية  مثل أحداث سبتمبر 2001 وكذلك كوفيد19  عام 2020  وهناك أسباب داخلية  مثل عجز القطاعات الغير نفطية  الانتاجية ،لذا فأن هذه الورقة  تناقش هذه الموضوع في عدة محاور وهي  الاتي:

  1. تركيبة الهيكل الاقتصادي اليمني وعدم تنوعها.
  2. 2.     أستمرار زيادة الواردات على حساب الصادرات.
  3. سياسات  نقدية متضاربة .
  4. إختلال السياسة المالية مما ادى الى ضعف الخدمات.

تركيبة الهيكل الاقتصادي اليمني وعدم تنوعها.

إتصف اقتصاد  اليمن أنه اقتصاد  غير متنوع في مختلف القطاعات الانتاجية سواء صناعية وزراعية وسمكية وخدمية ، وظل معتمداً على تصدير سلعة واحدة ريعية وهي النفط الخام   ،وكذلك الغاز منذ  التسعينات من القرن الماضي فالقاعدة الانتاجية لليمن  ظلت ضعيفة  في  مختلف المجالات ،رغم وفرة المواد الخام وغناء  باطن الارض وظاهرها بالموارد الطبيعية  التي توجد باليمن بشكل كبير.

بالرغم من تعاقب الحكومات المختلفة وتبني برامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والاداري المرسوم لها من قبل صندوق النقد الدولي  والبنك الدولي  وصندوق النقد العربي ومجموعة المانحين والذي تم تطبيقة منذ عام 1996 ، لأجل تحقيق الاستقرار في المؤشرات الاقتصادية الكلية ، إلا أنه لم يثمر البرنامج نتيجة إنتشار الفساد في مفاصل الدولة وبخاصة في الجوانب الادارية وكذلك تهريب للموارد الطبيعية وبخاصة في قطاع النفط والقطاع السمكي والموارد البشرية،  أي أن هناك فشل في مجال المالية حيث الجهاز الاداري الحكومي المتضخم  بالوظائف الوهمية والمزدوجة،إلا أنه نجح في الجانب النقدي في فرض نظام التعويم الحر المدار للعملة الوطنية عام 1999  ثم التعويم الحر في2017،وبالنسبة للقطاع المالي وتحرير الاسعار وتقليص الدعم الحكومي  المقدم في السلع الاساسية والمشتقات النفطية المدعومة أي الدعم الصريح وتم الرفع التدريجي والدعم الضمني  لأسعار الماء والكهرباء  .

 لذلك لم يحدث أي زيادة  ملموسة في الناتج المحلي الاجمالي GDPوالذي يعكس إجمالي ماتنتجة الدولة من سلع وخدمات خلال سنة، ومن خلاله يمكن قياس نمو الاقتصاد بشكل كمي والذي ينعكس  في دخل الافراد   ونصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي  من 800 دولار  هبط الان  الى  30دولار ، إلا أنه منذ عام 1990 – 2024  كان متغيراً كثيراً من 5.73 ترليون ريال مايعادل 23 مليار دولار في التسعينيات من القرن الماضي  ،وتشير تقديرات البنك الدولي  الان أن الناتج المحلي الاجمالي  الحقيقي انكمش بنسبة 54% بين الاعوام 2011 لغاية 2023

شكل رقم (1) تركيبة هيكل الناتج المحلي الاجمالي باليمن.

المصدر:  البنك الدولي 2015.

 أن عدم تنوع مداخيل الاقتصاد اليمني وتطويرها قد ساهم بشكل مباشر في الوضع الذي تعيشه البلاد الأن،  وأهم القطاعات المؤثرة في الناتج المحلي الاجمالي  هي الاتي :

 القطاع الصناعي

لم يشهد أي تطور يذكر وبخاصة في صناعة السلع الرأسمالية ،بينما في الشق الاستخراجي تمت زيادة الاستكتشافات النفطية،  بالرغم من تراجع إنتاج حقول النفط ،اما المعدنية كانت ضئيلة و  كذلك في جانب الصناعات التحويلية  حدث تغير ملموس، إلا أنه نتيجة عدم جاذبية بيئة الاستثمار وعدم الاستقرار السياسي وعدم تطور قوانين الاستثمار لم يحفز القطاع الخاص الدخول بقوة بهذا المجال كشريك في إحداث عملية التنمية الاقتصادية ،والشكل التالي يوضح تراجع إنتاج النفط .

شكل رقم(2) انتاج النفط1986-2014.

المصدر : البنك الدولي 2015.

 نتيجة عدم وجود استكشافات جديدة وقدم التكنولوجيا المستخدمة وكذلك عدم الاستقرار السياسي ،وحيث تتعرض الشركات الى مضايقات من قبل القبائل بملكية الاراضي.

كما أن ضعف البنية التحية لإقامة المناطق الصناعية المتخصصة قد أضعف  الاهتمام بهذا القطاع المهم  وأصبح هش نتيجة عدم الاستثمار في البنية التحتية  ، بما في ذلك النقل والتكنولوجيا  والاتصالات والتحول الرقمي .

 وبلغ متوسط مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الاجمالي 16.5% في عام 1990 واعلى قيمة وصلها في عام 2000 الى 31.7%   وأدنى قيمة في عام 2023 بين 2% الى 1% متأثراً بإيقاف تصدير النفط منذ أكتوبر 2022 وحالة عدم الاستقرار السياسي والحرب،  وكذلك تراجع الصناعات التحويلية نتيجة هروب روؤس الاموال،   فقد كانت تشكل  9%   عام 1990 ثم ارتفعت عام  2010  الى 22.02%  ووصلت الان الى 5% وهذه  الامور كلها تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين  .

  القطاع الزراعي

 عرفت اليمن منذ القدم بالسعيدة نظراً لما تتمتع به من  أراضي خصبة وواحات صالحة للزراعة كما أبدع الانسان اليمني في بناء المدرجات الزراعية  ،وهويعتبر قطاع حيوي ومستدام ،إلا أن مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي مازالت ضئيلة  من 24% عام 1990 ووصلت عام 2010 الى12.0% و في عام 2023 نتيجة التغيرات المناخية وتراجع المساحات المزروعة  واعتماد اليمن على الامطار الموسمية واستخدام الوسائل التقليدية في الزراعة وضعف الاستثمار في مجال الزراعة رغم ان العمالة في الارياف اغلبها تعمل بالزراعة ورعي الاغنام لم نجد أ رقم محدد لها .

 شكل رقم(3)  الأراضي الزراعية ونوعية الانتاج  من 2001 لغاية 2012.

المصدر:البنك الدولي2015.

 من الملاحظ زيادة رقعة زراعة القات في السنوات الأخيرة على حساب المحاصيل النقدية وكذلك الخضار والفواكه.

 القطاع السمكي

 يعد من القطاعات المهمة حيث أن اليمن تتمتع بشريط ساحلي  يمتد من الشرق من محافظة المهرة   الى باب  المندب ويبلغ حوالي  1482 كيلو متر ، ومن باب المندب الى محافظة الحديدة و محافظة حجة770 كيلومتر ، حيث   تطل اليمن على المحيط الهندي والبحر العربي وخليج عدن والبحر الاحمر ، وإجمالي  الشريط الساحلي لليمن 2252كيلومتر ،  مما يجعل اليمن غنية بالثروة السمكية  والاحياء البحرية .

ويسهم هذه القطاع في الناتج المحلي الاجمالي عام 1990 بحوالي وفي عام 2005 1.6%، أما الان في عام 2023 حوالي 0.1%   ،إلا أن غياب أي رؤية جعلت العشوائية في الاصطياد  واستخدام أساليب الصيد التقليدية وعمليات الجرف  وعدم الالتزام باللوائح والأمتثال للقوانين المنظمة للصيد عرض القطاع هذا الى التدمير وفقدان  الاسماك ذات القيمة الاعلى ، وإنخفاض المخزون السمكي  وانخفاض مستوى التكنولوجيا وعدم تنمية مورده المستدام. 

شكل رقم(4) الشريط الساحلي لليمن.

 المصدر : هشام ناجي 2021 .

  القطاع الخدمي

 ويشمل  النقل والاتصالات وبلغ مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي 13% وهو يشهد تقلبات حادة نتيجة عدم وجود رؤية واضحة  للحكومة ووجود شبكات الفساد وعدم تطوير البنية التحتية من طرقات وجسور وانفاق.

قطاع  التجارة الخارجية والسياحة

   أن الموقع الجيوساسي التي تقع علية اليمن على خطوط الملاحة الدولية والتجارة الدولية،  يجعل اليمن حلقة الوصل بين الشرق والغرب ولاعب دولي  حيث لم تستفيد اليمن من موقعها  على الممرات الدولية، ويساهم هذا القطاع بحوالي في عام 1990 ب 15% وشهد ارتفاع  ووصل عام2007  الى 24%

جدول رقم(1) توقعات الناتج المحلي الاجمالي  من 2013 لغاية 2023.

المصدر : البنك الدولي 2022.

جدول رقم (2) مؤشرات الناتج المحلي الاجمالي من 2019-2023.

المصدر:االبنك الدولي 2024.

 وأن استمرار انخفاض الناتج المحلي الاجمالي بحسب توقعات البنك الدولي  ،حيث انه بالسالب وبالتالي  هناك إرتفاع معدلات الفقر ووصل الى 80%  وإنخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي  ،مما جعل مستوى المعيشة متدني ، وهو امر طبيعي نتيجة الاختلالات الذي  في هيكل الناتج المحلي الاجمالي،  مما خلق عدم امكانية توليد فرص العمل ونمو القوة العاملة  المؤهلة  والتي لا تجد عمل مما رفع من نسبة البطالة .

استمرار زيادة الواردات على حساب الصادرات.

كان نظام الاستيراد  مقيداً في اوائل التسعينات من القرن الماضي وبعد التحرير الفعلي  للتجارة في اليمن  في عام 1996  حيث سمح استيراد كافة السلع  والتي كانت ممنوعة لاسباب اقتصادية  وتم تبسيط  النظام الحمركي،  ووضعت بعض القيود  فيما ماهو مرتبط بالامن والصحة وأسباب دينية   ،ومنذ عام  1999 أصبح  النظام التجاري اليمني مقارب للمعايير الدولية ، أما الان تواجه اليمن  تحديات فيما يتعلق  بمراكزها الخارجية بسبب ارتفاع احتياجات التمويل وعدم كفاية ايرادات التصدير وتحويلات المغتربين والمنح  لموازنة فاتورة الواردات الضخمة، وذلك نظراً الى العجز الهيكلي في الميزان التجاري المستمر من  التسعينات القرن الماضي،  وبالتالي في ميزان المدفوعات اجمالا م واصبح متجذراً، مما يعوق أي نمو  يتواكب مع زيادة النمو السكاني  بسنبة 3%.

 وعلى مدى العشر السنوات الاخيرة أصبح اليمن أكثر اعتماداً على الاستيراد ،مما زاد تعرضه للصدمات الخارجية من ارتفاع أسعار السلع الاساسية من قمح ورز  وزيوت طبخ نتيجة التضخم العالمي،  او الحرب في اوكرانيا وغزة والتغيرات المناخية العالمية.

ولذلك كانت ارتفاعات الاسعار ناتجة عن عاملين هما: عن تضخم مستورد، وأيضا إنهيار العملة الوطنية مقابل الدولار وأرتفاع تكاليف التأمين للموانئ اليمنية

 من الملاحظ  من الجدول رقم (3) أن ميزان المدفوعات أنه يمر دائماً بالسالب،  كما أن هناك سلع كمالية تستورد في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الدولة مثل السيارات الفارهة اخر موديل وسلع الرفاهية تقليداً لدول الجوار والتي تعيش حالة رفاهية اقتصادية.

جدول رقم(3) الميزان التجاري  للاعوام من2022-2023.

المصدر: الجهاز المركزي للاحصاء 2023.

سياسات  نقدية متضاربة .

القطاع المالي  هو أحدى القطاعات المهمة في إي دولة لإجل  تحقيق الاستقرار للعملة الوطنية واستقرار أسعار السلع أي المستوى العام لاسعار السلع ، ولذلك تنطلق أي ساسيات نقدية نحو تقليص التضخم وأتجهت الحكومة اليمنية منذ التسعينات من القرن الماضي الى إصلاح الجهاز المصرفي والرقابة والاشراف علية حيث تم تحرير سعر الفائدة وأصبحت أكثر مرونة، إلا أن ظاهرة الدولرة  والسعودة ،مازال يعاني  منها الاقتصاد اليمني،  رغم أنه في فترة الاستقرار الاقتصادي أستطاعت الدولة الحفاظ على اسعار فائدة حقيقية على الودائع على الريال اليمني منذ عام 1997 لغاية 2011أما الان اسعار الفائدة الحالية  لا تعكس التضخم 27%

شكل رقم (5) اسعار الفائدة والتضخم من 1995 -2005.

  ثم في العشر السنوات الاخيرة تغيرت الامور، بسبب عدم وجود أستقرار في منظومة السياسات النقدية ،مما زاد  من حجم القروض المتعثرة للمؤسسات العامة لدى البنوك العامة والخاصة وكذلك فقدان ودائع الافراد نظراً لانشطار السلطة النقدية منذ عام 2016 بين صنعاء وعدن،  ووجود سلطتان نقديتان في بلد واحد ودخولهما في صراع نقدي متنافس، مما زاد من اضعاف الاقتصاد اليمني .

فلم يستطيع القطاع المصرفي استعادة حيويته لذلك استمرت الظروف المعيشية والانسانية بالتدهور.

اختلال السياسة المالية مما ادى الى ضعف الخدمات.

 لقد أصبح العجز هيكلي في الميزانية العامة للدولة سمه من سمات الاقتصاد اليمني ، نتيجة  ضعف  تحصيل الايرادات  الضريبية والفساد المستشري في الجهاز الاداري والذي تتحكم فيه البيروقراطيه ونقص الاستثمارات المباشرة والغير مباشرة، وظلت تغطي العجز الحكومة عبر تمويل العجز بأذونات الخزانة لامتصاص فائض السيولة النقدية والحد من التضخم، مما يقلص من المضاربة على العملات الاجنبية في السوق المحلي منذ عام 2001 لغاية 2005 رغم أنه التوسع في اصدار أذونات الخزانة له محاذير  ،وهو عدم الاستفادة من الاموال في تمويل أي مشاريع استثمارية والتي تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي ،وكما أنها تلقي  باعباء إضافية على الموازنة جراء فوائد الدين العام، وهذا يولد عبئاً متزايداً على الموازنة العامة

 اما الايرادات الغير نفطية لم تشهد تطور ملحوظاً نتيجة التهرب الضريبي والاعفاء الضربي وتأجيل الضريبة وبلغت في المتوسط 33.3% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي  بين الاعوام من 2000 الى غاية 2005.

جدول رقم (4) ايرادات الدولة للاعوام2000 و2005.

المصدر:وزارة التخطيط والتعاون الدولي من  2006 -2010.

 من خلال الجدول (5)  أدناه يتضح لنا هناك ضعف  في تحصيل الايرادات ،بينما نرى دولاً مثل الاردن تعتمد كلياً على الضرائب كمصدر رئيسي للميزانية العامة والمنح ، ومقارنة ذلك بالوضع الان يتضح أننا مازلنا في نفس الطريق ،وأن الايرادات النفطية هي اساس الايرادات وكانت تمثل حوالي 73%  من الايرادات العامة   ،وتمثل من  إجمالي التاتج المحلي الاجمالي 16.6% ثم ارتفعت الى 40% في السنوات الاخيرة.

 جدول رقم (5) الايرادات والنفقات من 2010 - 2019

المصدر : الجهاز المركزي للاحصاء  2019.

شكل رقم(6) تركيبة  موارد الميزانية العامة للدولة من 1996- 2014.

المصدر:البنك الدولي 2015.

 من الجدول رقم (6)  و (7)أن التوقعات للسنوات العشر الاخير كانت كلها متشائمة ،وهي فعيلاًعكست مايعيشة الاقتصاد اليمني من إنهيارات متتالية ،والتي أتضحت ملامحها في الخدمات المقدمة من قبل الدولة في الطاقة الكهربائية وضعفها وزيادة ساعات الطفي في المحافظات المحررة ،وأيضا الخدمات الصحية ووصلت الى حد الصفر،  وتدهور  مستويات الطلاب في التعليم وكذلك تأخر صرف المرتبات منذ  أغسطس 2023 بحجة اصلاح هيكل الاجور والرواتب والقضاء على الموظفين الوهميين والازدواج الوظيفي  ،حيث أن أغلب الايرادات تذهب الى بند الاجور والرواتب بحوالي 48% من الميزانية العامة للدولة.

شكل رقم(7) نفقات الحكومة 1996 -2012.

 المصدر: البنك الدولي 2015.

من الشكل (7) أعلاه ظلت  الحكومة معتمدة على المنح والمساعدات واعتماد الناتج المحلي الاجمالي على النفط والمنح ،فلم يصمد الاقتصاد أمام أي  صدمات داخلية  وكذلك خارجية في حالة تقليص الدعم والمنح الخارجية بسبب الاحداث العالمية في اوكرانيا وغزة.

شكل رقم(8) الايرادات والنفقات 2019-2023.

المصدر : صندوق النقد الدولي 2024.

من الشكل (8) يتضح لنا أن ايرادات الدولة مازالت ضعيفة  ،كنسبة من  الناتج المحلي الاجمالي ،ومازالت تعتمد على المنح الخارجية فقط في عامي  2020 و 2021قلت المنح بسبب جائحة كورونا COVID 19 ثم رجعت في ازدياد،  أما نفقات الدولة  التي ظلت في تصاعد مستمر، وكذلك بالنسبة الى نفقات الدولة في عام 2023 تركزت في  قطاع الكهرباء والسلك الدبلوماسي  الذي يلتهم نسبة كبيرة نظراً لقدم محطات التوليد وأنها أكثر استهلاك لوقود الديزل والمازوت، والباب الاول الاجور والرواتب الذي شهد إخفاضاً كبيراً مقارنه بالسنوات السابقة نتيجة الامتثال المالي الذي قامت به وزارة المالية في نهاية عام 2023في إنهاء الازدواج الوظيفي  وحذف الموظفين الوهميين من خلال تحول صرف الرواتب الى البنوك .

جدول رقم (6) اهم المؤشرات الاقتصادية الكلية من 2014 -2020.

المصدر : وزارة التخطيط والتعاون الدولي 2018.

 أن النشاط الاقتصادي يتعرض الى انكماش مستمر مما ادخل الاقتصاد في ركود اقتصادي منذ عام 2023 وازداد حدته في 2024، بسبب تأكل قدرات مؤسسات الدولة ، وصعوبة الوصول الى الخدمات الاجتماعية الاساسية من تعليم وصحة  ومياه وهروب رؤوس الاموال  الوطنية الى الخارج.

جدول رقم(8) أهم المؤشرات الكلية من 2019- 2023.

المصدر : البنك الدولي 2024.

النتائج والحلول

 النتائج

 أن استمرار تدهور العملة الوطنية سوف يستمر في ظل المعطيات الاقتصادية الكلية الحالية ، والتي تم الاشارة لها سابقاً ،من ضعف تركيبة هيكل الناتج المحلي الاجمالي  ،وعدم تنوعها والعجز المستمر في ميزان المدفوعات الذي يعكس تجارتك مع العالم الخارجي  ،وإذا ما ظل الناتج المحلي الاجمالي في السالب  ،  هذا يجعل نصيب الفرد من الناج المحلي الاجمالي منخفضاً بل  صفراً ،ولا ينعكس في تحسن دخل الافراد ،وتكون  الخدمات الاجتماعية المقدمة للافراد   ضعيفة  او شبة منعدمة وزيادة رقعة الفقر المطلق ، مما يتسبب في ظهور ظواهر اجتماعية مخلة بالامن والامان،  وعدم تطور البنية التحية من طرقات  واتصالات وشبكة مجاري ، وعدم قدرة الدولة على إدارة عجلة التنمية الاقتصادية.

 بالرغم أن اليمن غنية بمختلف الموارد الاقتصادية والبشرية، الا إنها تعاني من أزمة فساد مستدامة بل أصبحت جزء من ثقافة الشعب .

 الحلول

  1.  التركيز على القطاع الزراعي وإدخال التكنوالوجيا الحديثة في أساليب الري الحديثة  ،وعدم السماح بالبناء في الاراضي الزراعية  ،واقامة  ثلاجات الحفظ ومصانع لاستيعاب الفائض من الانتاج وبخاصة منتجات  البن والقطن و العسل المانجو والبرتقال والليمون والعنب والرمان  والطماطم  وتطوير القدرات التسوفية والتصديرية.
  2. تطوير أماكن الانزال السمكي  في الشواطئ اليمنية مع إيجاد الصناعات الغذائية من المنتجات السمكية والاستثمار في الاستزراع السمكي.
  3. الصناعات الاستخراجية إقامة صناعات البتروكمياوية والتي تستند  على انتاج النفط  والاهتمام باقامة محطات كهرباء على الغاز والطاقة الشمسية نظراً  لكثرة نفقات الدولة على قطاع الطاقة والتي تولد بالديزل والمازوت.
  4. الثروة المعدنية والتي غنية بها اليمن من معادن  متنوعة تسمى المعادن الحرجة  والتي  تحتوي عليها الصخور والرمال يتم استغلالها بشكل صحيح وعدم تصديرها مواد خام.
  5. إعادة النشاط الحر الى مناطق الموانئ الحيوية والتي على الممرات الدولية وتشجيع الاستثمار الدولي فيها وتحويلها الى مناطق اعادة تصدير البضائع .
  6. الاهتمام بالمناطق الصناعية المتخصصة وتطويرها  واعادة النظر في قانون الاستثمار.
  7. رقمنة تحصيل الضرائب  وتفعيل الضرائب الغير مفعلة  ،وانهاء الاعفاءات الضريبة والتوأمه بين السياستان المالية والنقدية .
  8. ترشيد استراد السلع الكمالية في ظل الظروف الراهنة.

المراجع

[1]افاق الاقتصاد  الاقليمي الشرق الاوسط واسيا الوسطى، صندوق النقد الدولي، اكتوبر 2023.

[2]الصفتي،احمد، مسيرة الاصلاح الاقتصادي وتهيئة البيئة الاستثمارية في اليمن، صندوق النقد العربي، 2007.

[3]خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر2006-2021 ، وزارة التخطيط والتعاون الدولي ،أغسطس 2006.

[4] الهوش، معين، الاقتصاد اليمني مشكلة ادارة ام موارد؟ ماهي اسباب تدهور  الاقتصاد اليمني؟

[5]أفاق الاقتصاد اليمنيواولوية سبل العيش ، وزارة التخطيط والتعاون الدولي ، قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، العدد 40، فبراير 2019.

[6]World economic situation prespects, United nation , 2022.

[7]Economic monitor,Navgating increased hardship and growing fragmentation, spring 2024.

[8]The republic of Yemen m Unlocking the potential for economic growth October ,2015.

لتنزيل الورقة من هنا